الأربعاء، 3 يونيو 2015

لَمّا عـادَ ظِــلُّـها يَطْلبُ جـِسـْمَـه...: شعر






 سَطعَ الخيالُ باغَتَنِي،
 يا راجعةً مَسَاءَ أمْسٍ
  من جُزُرٍ مَحَى البِعادُ طَعْمَها،
منْ شَفَتِيَ.

أعَرْتُكِ خَدّي لَمّا خَدٌّ أعْوَزَكِ،
  تَحُطُّينَ عليهِ،
تَتجنّبينَ مآسِيَ.

وفي صَباحِ ليلةٍ ما صاحَ ديكٌ
قلتِ : نفترقْ.
وتباعَد السّرُّ عن دنياكِ
غابَ عَن عالمِيَ.

 دون نجمةٍ في كفَّيْنا،
 تَلْهَيانِ بها،
حين بِتْنا
 سجائري ينْهِشُ مِخْلبُها
 مدامِعِيَ.

وأنتِ في رُكْنِ تَعُدّينَ مَكْسَبَكِ،
 تُحْصينَ،
تَجْرُدينَ ما لا أمْلكُ
 ومالِيَ.

مُنَكّسَةَ الشَّعْرِ
عمياءَ عن أشباحٍ مَغمومةٍ
 بِوَداعَتِي تَعْبِثُ،
تَسْخَرُ من دُعائِيَ؛

تَهْزَئينَ مِمّا أشاهدُ
ـ يُهرْوِلُ نَحْوي،
 عَصِيّاً ـ
 مِنْ أمانِيَ.
تهادَيْتِ زَهْرةً مَخْمَلِيّةً
  فوق قلبي،
  عطْراً يُفْغِمُ نَشْرُهُ
 لَياليَ.

ماذا قالتْ لَكِ الأمواجُ
لما سَحَبَتْ بِساطا يَتزخْرفُ
 من تحتِ أقدامكِ،
بَدَلَتْ عِنْدَكِ خاطرِي
شيّاً فشيَّا.

قطّرتُ كالوَرْدِ حَفنةً إثْرَ حفنةٍ
 منْ خَمْرِ الشبابِ
 سَفَكْتُهُ
على أعتابكِ
وافتَرَقْنا.

جمعتِ أكداسَ نِسْيانِكِ عُنْوةً،
والغُصّةُ لمْ تَنْدَمِلْ
جَمعتُ أكداسَ نِسْيانِيَّ.

هَجَرْتُ تَوازُنِي كالطَّريدْ
أبْكي على خَسائري،
أتَصَفّحُ وَجْهَكِ يُبْعِدُهُ الزِّحامْ.

في كُلّ كَبْوَةٍ أشاهدُ وعْداً
 من قَدَرِي،
بِصُلْحِ نَفْسِي،
 بِعَوْدِ الوئامْ.

في كُلِّ كَبْوَةٍ
يَغْضِبُ عِرْقٌ مِنّي عَلَيَ.

وَمَساءَ أمسٍ
لَمْ تَحْسِبْهُ الأفلاكُ،
رَجَعَ دَمْعٌ منْ متاهاتٍ
 لا أعْلَمُها،
إلى خُلوَتِي،
يَستلطِفُ أحْلامِيَّ.

رَجعْتِ ظِلاّ يَطْلُبُ جِسْمَهُ
وليْسَ عِندي جِسْمُكِ،
أضَعْتِهِ
   ذاهابةً ـ آيِبَةً،
 في تِيهِ الطريقْ،
رَجَعْتِ خيالَ حبٍّ
يُطالبُ حَقّهُ،
رَجعْتِ دمْعةً تُراوِغُنِي
لأسْرِ انْعِتاقِيَ.

أنا حزينٌ على مَاسَةٍ
تدلّتْ منْ عَرْشِهَا
كنَجْمةٍ فَقَدَتْ وَليدَها
عادتْ فُتاتاَ من جَوْلتِها.
هَوَتْ شَظِيّةً حاميّةً
 تلسَعُ ما كانَ،
هَبَطَتْ رَماداً في راحَتِيَّ.

وقبلَ الوداعِ،
 آهٍ يا سيدتي،
أقْصَى مَا تَنالينَ اليومَ
إكراماً لِما مَضَى :
أُهديكِ آخِرَ قُبْلَةٍ
وأكَرِّسُ خَفْقِي لِعَرْبَداتِ أماسِيَ.

محمد الشوفاني
من المجموعة الشعرية للكاتب الصادرة منذ أيام في طباعة ورقية

ليست هناك تعليقات: