مِنْ أعْلَى سَطْحٍ في ذاكِرَتي
أراكِ غَيْمَةً غَجَرِيَّةً
بَاذِخَةَ الجَمالْ؛
يا هَيْفَاءَ مِنْ نَارْ
يا دَلاَلاً مِنْ بُخارْ.
أمسِ
رَأيْتُكِ على السَّريرْ،
ثلاثةٌ وثَمانُونَ شيْطاناً في الحَريرْ
بِأجْنِحَةِ المَلائِكَةِ
هَبُّوا
لِجَرِّ رُوحِكِ إلى الشِّناقْ
نِكايَةً بِجَمالٍ لا يُطاقْ.
أرْسَلْتِ ألْغازاً شُعَاعِيَّةً
في إبَّانٍ قَبْلَ عَصْرِهَا
مِنْ مَرْقَى السَّماءِ، مِنْ بَطْنِ البِحارْ.
سَحَرْتِ فارِسَ الأُسْدِ
في كَانَ يَا مَا كَانْ،
حَصَدْتِ شَعْرَهُ كَالخَروفِ مَجْزُوزاً
بَكَيْتِ فوقَ أطْرافِهِ
يَا بَاذِخَةَ الفِتَنْ.
يَا أنْثَى سِحْرٍ دُونَ حَيَاءْ
يا شَجَى المُرْهَفينْ
فَاتِنَةَ الأقْوِيَّاءْ
مَلْحَمَةً بِعِطْرِ اللَّيْمُونْ
في رِحَابِ المُبْدِعِينْ.
كَمْ بِالقُلوبِ تَلَهَّيْتِ
يَا عاصِفَةً في كَأسِ مَاءْ.
بِمَذاقِ الدِّفْءِ،
يا نَشْوَةً تَهْبِطُ كالمَنامْ،
تَهْطِلُ كالنَّبيذِ المُعَتَّقِ
كَنَجْمَةٍ في فُلولِ الظَّلاَمْ.
يا جَمَالاً مُتَسَلِّطاً يقودُ الضَّرِيرْ،
في خيالِ الحِكايَةِ،
يَذْرِفُ دَمْعاً وَجِيعاً عَلَى الأسيرْ؛
حُبُّكِ طُوفَانٌ يَقْتُلُ
فَيَرْثِي القَتيلْ.
سَيِّدُ النَّغَمْ
مِنْ قَبْرٍ مَفْقودٍ كَقَبْرِكِ،
يَا بَهاءً مُصَافيّاً في دَهْرِ الخِصَامْ ـ
يُهْديكِ عَاطِرَ السَّلاَمْ.
يا أليفَةَ الحَياةِ إنفَرَدْتِ،
جُعْتِ
دَنَّوْكِ فِي وَهْدَةٍ تَحْتَ المَطَرْ
ومَا لِثَرَائِكِ عَدٌّ،
أكُنْتِ
مِنَ الدُّنْيا تَرْتَقِبينْ
إلاَّ غَدْراً بِأفانينِ النَّشْوَةْ
أبْدَعْتِهِ في الوِصَالْ
أنِيناً جَريحاً
ضاجًّا بِلاَ لِسانْ
خافِتاً،
يا رَاوِيَّةَ الحِكايَاتْ
لِلعُمْيِ الخُرْسانْ.
أميرةُ البِحارِ أنْتِ، أطْلقْتِ
ألفَ سَفينةٍ
لِلحُبِّ مُجَنَّحَةٍ،
دَبَّرْتِ لَيالٍ لِلمُغْرَمِينْ
لِشَوْقِ العُيونِ كَشَوْقِ الغَجَرْ.
يا صِنْوَ سَيِّدِ النَّغَمَاتْ
رَتَّبَ كَوْناً بِنايِ العَاشقينْ
بُلبُلاً يَصْدَحُ بِالتَّرَجِّي والنِّداءْ؛
أشْجَى كَوْناً بالنَّبَراتْ
ومَاتَ في عَصْفِ الظُّلُماتْ.
وَضَعُوكِ وَفَرُّوا
عُصَارَةَ مَاسَةٍ فِي غَارٍ بَارِدٍ
يَجْرِفُها الرِّيحُ في الوَحْلِ
مَجْهولَةً كَحَصاةٍ مَنْسِيَّةٍ،
مَنْبوذَةً بَيْنَ الحَصَوَاتْ.
محمد
الشوفاني
مراكش :7 1ـ 11 ـ 2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق