الاثنين، 19 سبتمبر 2016

إنْ في العيدِ مَا عُدْتُ...ألاَ تَرْحَلينَ مَعي؟



 كيفَ أعودُ إلى دِيّارٍ تُرْبِكُ دَوْراتِ دَمِي
في كُلِّ عيدٍ
وقد شَبَّ في الدِّيارِ الهَجيرُ واسْتَعَرْ.
شبَّ الصَّخَبْ
حَلَّ حالٌ جَديدٌ ونَظَرْ،
 تَفَجَّرَتِ الشمسُ في حَدائقِ حَيِّنَا
سالَ الرَّمْلُ فوق العُروقْ،
في عُجالَةٍ جَمَعَ الأمْتِعَةَ القمرْ
 ومَضَى.

ذابتِ الشُّرُفاتُ والجُدْرانْ
لمْ تَبْقَ للقَمَرِ الشاحِبِ شُرْفةٌ  لِيُرْسِلَ نُورَهْ
لم يبقَ قلبٌ يَتَرَجَّى حُضورَهْ.
عَلَتْ بَسْمَةَ الوُرودِ الهَلْوَساتْ
ضربتْ فُلولُ التَّآليلِ البَشَراتْ
تَغَضَّنَتِ الحَرَكاتْ
إخْتلَّ الجَرْسُ وبَحَّ الرَّنينْ.


عزيزتي وَداعاً
أنتِ فاتِحَةُ خُشوعِي،
لا تَذْرِفي دَمْعاً حَبيسَةً تحتَ الرُّخامْ
لا تَسْهَري مَعي في رُبوعٍ يَبِسَتْ أحْجارُها
نامي كَما شاءتِ دُنيانا
كما شاءتِ المقاديرْ،
أنا لسْتُ وحْدي تُقَطِّعُنِي الأرضُ
تَهْجُرُني.
تُطَوِّحُني.
الأرضُ منْ أصْلابِها تَفْترِسُ
 كَعاقِّ الهِرَرْ.


وداعاً
ياعَصافيرَ السُّنونو إنْ طِرْتِ
 حَطِّي
هنا حبيبتي آنِسيها،
 يا طيورَ الحَسُّونِ بالأجْنِحةِ المُوَشّاةِ اسْعِدي
غَرِّدي؛
إحْتَشِدْنَ في الجِوَارْ.
إلتَقِطْنَ حَبًّا
 فوقَ التُّرابِ طَرِيَّا،
أتَذْكُرْنَ حَبَّاتِ القَمْحِ في رَاحَتَيْها
لَكُنَّ سَوِيَّا؟

يا أغْصانَ الرَّيْحانِ والزَّيتونْ
رَفْرفتْ معي في الشُّجونْ،
وداعا،
 يا رِيّاضَ الليْمونْ
لا تَحْسَري على أفْنانٍ دَفَنوها،
أوْ 
ارْحَلي مَعي
 أغْراساً بين الضُّلوعْ،
فَصَدْري لا يَضيقُ بِأفْنانِ الشَّجرْ.

بعيداً سَتَحْمِلُني النَّوَارِسُ،
 غريبْ،
عَبَثَتْ خَطايانا بِنا
مَنْ يُوَاسينا؟
ذَبُلَتْ تَعاريشُنا،
غاصتْ في أعشابٍ ماتتْ خُضْرَتُها
 فُسْحَتُنا،
يَنْقُرُ نَبْتٌ وَحْشِيٌّ أفْزَعَنا
 يَلتَهِمُ الْحِلْيَاتِ في صَناديقِ النِّساءِ نَفيسَةً
يَدِبَّ الهَبيبْ.

 طارَ ريشُ العُشاقِ نَدائِفَ إلى ثُقَبٍ مُظلمةٍ
في الرَّواسي  الشُّمِّ ذابَ الجليدْ
بعدَ اليْومِ لمْ يعدْ هُنا تَلاقينا؛

أوَاصِلُ في بِقاعِ الأرْضِ رَحيلي
أتْبَعُ الألوانَ بعيداً عَمَّا كان مَراعينا.
أدْفَعُ الشُّعاعَ بِيَدي في الطريقْ
جَوْلاتِنا لَعِبْناها واكْتَفَيْنا.

يا مَنْ رَتَقَتْ حياتي مُمَزَّقَةً في كُلِّ عيدٍ
 لا تَحْسَري،
لا تَقولي بِكُرْبةٍ
 إنْتَهَيْنا.
لا تَقولي آلامُنا لَحِقَتْ بنا
ولا عزاءْ،
هذا الإبْتِلالُ على خَدِّي ليسَتْ دُموعي.

سأحمِلُ باقاتِكِ في أذْكاري
لقلْبي أماناً
أيْنمَا حَلَّ عيدٌ جديدْ،
 سألقِطُ حبَّاتِ عَقيقٍ لكِ
 إئْتَلَقَتْ
في رحيلي حتَّى يَميلَ عَنَّا ما يُعَنِّينا.
سألْقِطُ جَواهرَ الرُّمانْ
تَعِشَقينَهَا؛
لا تحْزَني على الحبيبِ مَرَّ مِنْ هُنا
على الرَّمْسِ
أثقلتْهُ الزَّفَراتُ يَبْعُدُ هُوَّيْنَا
واختفى شَبَحاً منْحَدِراً في الشِّعابْ.
جَوْلاتِنا لَعِبْناها واكْتفيْنا
ذَكِرْنا أوْ نَسِينَا؟

أنتِ خاتِمَتي في خُشوعي
إنْ بَعِدْتُ في السَّديمْ
 لستُ بَعيداً عنْ بَصَرِكْ.

إنْ أدْركْتُ مَرْسَايَ في مَجْرَى رَحيلي
 لا يَهْتزُّ تحتَ أرْزاحِي،
 إنْ مَا عُدْتُ إلى دِيّارٍ تُرْبِكُ دَوْراتِ دَمِي
تُرْبِكُ لَمْسي ومَسْمَعي
وَرَأيْتِ نجْمَنا فوق رأسي 
هاجَرَ
لا تَسْتَغْرِقي في عُزْلَةٍ،
 أريدك أن تَرْحَلي في العيدِ مَعي؟

محمد الشوفاني
لندن في: 10ـ 09 ـ 2016











ليست هناك تعليقات: