السبت، 27 يونيو 2015

هُيَامٌ عَنِيدٌ بالمُطْلَق : شعر








جَاهَدْتُ أنْ أكُونَ مَذْكُوراً،
عَانَقْتُ فِي الحياةِ حَظّي
غَالَبْتُ تَعْسِي
تَسَكّعْتُ بَيْنَ الهَائِمِينَ
لَعَلّ فُؤاداً يَلِينْ،
فَخَابَ حَدْسِي.

قَامَرْتُ، غَامَرْتُ، نَاوَرْتُ
إقْتَحَمْتُ حُصُونَ الوَهْمِ،
حَلَمْتُ مُشْتَاقاً،
بِحُورٍ فِي الأنْهَارِ سَابِحَاتٍ؛
حَمَلْتُ عَلَى كَتِفَيْنِ وَاهِنَتَيْنِ
أثقالَ العُبُور للخَمَائِلِ
وَرَاءَ الدُّهُورْ.

أسْدَلْتُ عَلَى الوَجْهِ سِتَاراً،
لَبِسْتُ مُسُوحَ البَهْلَوَانْ،

رَاوَغْتُ الزَّمَانْ.

كَتَبْتُ سِيرَتِي لِذَاتِي،
نَسَجْتُ فُصُولَهَا،
أتْلُوهَا وَأَرْوِيهَا،
فِي نَوْمِي في صَحْوَتِي.

صَنّفْتُ سِفْراً لِتَكْوِينِي،
وَشّيْتُهُ بِالنّمْنَمَاتِ وَالأذْكَارِ
وَغَرَائِبِ الأمْصَارِ،
عَلَى الوَاقِعِ المُرَاوِغِ
دَوّنْتُ فِي الخَيَالِ انْتِصَارِي.

حَاصَرَ مَارِدٌ حِسّي وَيَقِينِي،
مَارِدٌ أعْتَمُ لاكيانَ لهُ
أرَادَ رَسْمَهُ نَسْخاً
عَلَى قَلبِي وَجَبِينِي.


 
بَدَّلَ الخَيَالَ في الكَلِماتْ،
تَرَصَّدَهَا،
أرْعَبَ الصَّفَاءَ في الوِجْدَانْ،
تَعامَى عَنْ سُمْعَتي فِي المَحَافِلْ،
أرَادَ مَجْدَ الفَجَاجَةِ
وَبُؤسَ المَكَانِ وَالزَّمَانْ.

قَضَيْتُ نِصْفَ أيّامِي بَيْنَ أحْلاَمٍ يَاقِظَةٍ،
وَمُنَاجَاةِ الذّاتْ
وَالبَاقِي مَا يَزَالْ
يَهْرُبُ مِنْ شَيءٍ مَّا،
يَبْحَثُ عَنْ شَيءٍ مَّا،
يَتَسَكَّعُ؛
تُعَابِثُنِي أشْيَاءُ مَا بَعْدَ الأرْضِ،
تَلْسَعُ ظَهْرِيَ السِّيَّاطْ.

سِرْتُ عَلَى أسْنَانِ المِنْشَارْ
رَاوَغْتُ الدَّهْرَ حِيلَةً،
فَرَاغَ عَنّي وَسَارْ،

تَسَلّحْتُ بِفَنِّ المُحَارِبِ
لِدَهْمِ القِلاَعْ،
فَأوْصَدَ دَجّالٌ كُلَّ بَابْ
وَرَدّ بِجَهَالَةٍ وَإنْكَارْ.

لَمْ ألْقَ نَفْسِي،
وَنَفْسِي لَمْ تُدرِكْ مَا يُرضِيهَا.
أعْشَقُ الكَوْنَ،
إذَا شَبِعْتُ خُبْزاً وَمَاءْ،
وَالكَوْنُ لاَ يَرَانِي،
إلاّ ظِلَّ ذَرَّةٍ هَبَاءْ.

مَا أنَا
إلاّ هَائِمٌ  مُهَرِّجٌ،
تَحْتَ القِنَاعِ حَزِينْ،
يَعْبُرُ أسْجَافَ الظّلُمَاتْ،
وَعِصْيَانَ اليَقِينْ.

عَلَى الأرْضِ قَدَمَاهُ
وَوَعْيُهُ غائبٌ فِي المَدَى،
خَوْفاً مِنَ الإفْلاَسِ،
بَحْثاً عَنْ يَنْبُوعِ الرِّضَى.

عَانَقْتُ حَظّي، غَالَبْتُ سَعْدِي،
ظَفِرْتُ خَسِرْتُ،
بَيْنَ يَوْمِي وَأمْسِي.



جَاهَدْتُ أنْ أكُونَ فِي الوُجُودِ

 صَدْراً منظورَا
وَاليَوْمَ أجَاهِدُ،
ـ لاَ رِيبَةَ فِي أمْرِي ـ
إنْ أسْعَفَني حَظّي،
وَمَقَادِيرِي،
أنْ أكُونَ حُرّاً مُعَانِداً لِكَسْبِ غَدِي
أنْ أكُونَ نَفْسِي.


ليست هناك تعليقات: