الأحد، 14 يونيو 2015

أُسْكُنِي صَدْرِيَ هَذَا الخَرِيفْ شــعــر




مَوْلاَتِي،
أرَاكِ بِلاَ خَارِطَةٍ تَبْحَثِينْ،
وَإنْ خِفْتِ هَزِيمَ الرَّعْدِ
 وَخِفْتِ العَوَاصِفْ،

وَإنْ رَوَّعَتْكِ زَخّاتُ البَرَدِ
 صَلْدَةً تَنْزِلُ كَالحَصَى،

وَأذْعَرَتْكِ حَبّاتُهَا تَقْرِعُ السِّيّارَةَ
وَتُضَاعِفُ وَحْشَةَ الظَّلاَمْ،
وَأنْتِ فِي الطَّرِيقِ وَحِيدَةً
 إلَى شُقّتِكِ الشَّاغِرَةْ ـ
 إمْتَطِي غُرْفَتِي صَحْناً طَائِراً
تَسَكّعِي فِي أرْكَانِهَا
 كَنَفْحَةِ عِشْقٍ
لَيْلُهَا فَسِيحٌ كَالنَّهَارْ،
وَاطْرَحِي ذِرَاعَيْكِ عَلَى وِسَادَاتٍ
مِنْ أزْهَارِ نَارَنْجٍ وَنُوّارْ.

إجْعَلِي خَدَّكِ عَلَى كَتِفِي 
إغْرِسِي أظَافِرَكِ
 حَيْثُ أشْبَاحُ الخَطَرِ فِي حِكَايَاتِي،
تَمَسَّكِي بِقُوَّةٍ
  بِعُرْفِ عِفْرِيتٍ
يَصْعَدُ دُخَاناً مِنْ قِنْدِيلِهِ.

وَإذَا أمْتَعَكِ السَّهَرُ
 وَنَفْحَةُ الرَّيْحَانِ
وَرَأيْتِ الأمَانْ،
وَانْجَلَى لَكِ قَصْدُ الطّرِيقْ،
رَاجِعِي كُلَّ أثِيرَاتِ أحْلاَمِكِ،
إسْتَذْكِرِيهَا
فَفِي أحْضَانِي يَسْهُلُ التّذْكَارْ.
طُقُوسُ الخَرِيفِ قَدْ لاَحَتْ،
ألاَ تَتَنَسَّمِينَ
 رِيحَ القَرَنْفُلِ فِي التُّرَابْ؟
ألاَ تَسْمَعِينَ طُيُورَ النَّوَارِسِ،
تَتَعَقَّبُ زَوْرَقاً مُبْحِراً ـ
 حُرَّةً عَلَى أهْدَابِ السَّحَابْ؟

أُسْكُنِي صَدْرِيَ دَافِئَةً
هَذَا الخَرِيفْ،
هِيمِي فِي الشَّرَايِينْ
تَرَيَّثِي فِي مَجْرَاهَا
تَمَهَّلِي فِي الإنْحِدَارْ،

أوْ أبْحِرِي فَوْقَ أنْفَاسِي
تَمَشِّي عَلَى الخَلاَيَا
 كَمَا تَشَائِينَ دُونَ إسَارْ.

لاَ تَذْرِفِي دَمْعاً عَلَى لِقَاءاتِ صَيْفٍ
  أمْسَى تَارِيخاً،
 وَذَابْ.

مَوْلاَتِي
إذَا طَابَتْ لَكِ رُفْقَتِي
تَمَسَّكِي بِأحْلاَمِكِ بَيْنَ ذِرَاعَيَّ
لاَ تَخْشي أقْدَامَ غُولٍ كَالصَّخْرِ
تَطْرِقُ الأسْمَاعْ،
أوْ طُوفَانَ مَوْجٍ قَادِمٍ هَاِدرْ.
أحْلُمِي يَا مَوْلاَتِي كَمَا تَشَائِينْ
  حِينَمَا تَطَئِينْ
حَقْليَّ الطَّائِرْ،

وَأيْنَمَا تَلَفَّتَ خَاطِرُكِ
فَوْقَ مَسَارَاتِ البَرْقِ،
 سَوْفَ تَرَيْنَ
سَنَابِلَ القَمْحِ تُهَدْهِدُ ألحَانَهَا
حَزمْةً حَزْمَةً
 لِأيِّ نَاظِرْ.

وَمَتَى طَابَ لَكِ،
 سَوْفَ تَقْطِفينَ بالأناملِ أنْسَاماً
 بِمِسْكِ اللّيْلِ
وَنُكْهَةِ النَّعْنَاعِ وَالرُّمَّانْ.

أسْكُنِي فِي صَدْرِي دَافِئَةً
هَذَا الخَرِيفْ
وَإذَا شِئْتِ نَامِي،
أوِ اقْطُفِي كَوْمَةَ أقْحُوّانْ.

أقْدِمِي
قَبْلَ أنْ تُدَاهِمَ ريحُ الفِرَاقْ،
وتأفُلَ الأشواقْ.

أوْ وَدَاعاً
  وَإلَى اللّقَاءِ فِي مَمَرَّاتِ الحُلْمِ
 فِي حَيَاةٍ مُوَازِيَّةٍ دُونَ زَمَانْ
حَيْثُ القُبُلاَتُ في ذِرْوتها
تَنْبِضُ حَارَّةً دُونَ شِفَاهْ.

مَوْلاَتِي لاَ تَنْثُرِي دَمْعاً
كَرَطْبِ النَّدَى عَلَى الخَدَّيْنِ،
أسْكُنِي صَدْرِي،
 أطْبِقِي جَفْنَيْكِ الغَالِيّيْنِ
كَوَرْدَتَيْ زَعْفَرَانْ.

رُبَّمَا فِي الغَيْبِ،
 ذَاتَ رَبِيعٍ مِنْ عُمْرِنَا،
 يُصَادِفُنَا الحُبُّ لَحْناً شَارِداً،
 يُوقِدُ ضَوْءاً فِي تِيهِ المُنْعَطَفَاتْ،
وَرُبَّمَا تَسْرِي مُنْدَفِعَةً
 مِنْ قَلْبٍ لِقَلْبٍ
خُيُوطٌ لِلْوَصْلِ طَائِعَاتْ.

محمد الشوفاني                                                          

ليست هناك تعليقات: